في دور ربع النهائي من دوري أبطال أوروبا , ومع قرار لعب الأدوار الإقصائية بنظام المباراة الواحدة في أرض محايدة , تواجه كلاً من برشلونة وبايرن ميونخ في مباراة ملحمية كان الجميع متشوق لمتابعتها , قبل بداية المباراة كنا نعلم إن المباراة لن تكون سهلة على الفريقين , ولكن مع نهاية المباراة بنتيجة 8-2 إكتشفنا إن برشلونة فقط من كان يعاني , فكيف لعب كلا الفريقين ؟
.
دخل البايرن اللقاء بتشكيلة 4-2-3-1 على الورق , بينما دخل برشلونة بتحفظ كبير وبكثافة في خط الوسط حيث لعب الفريق بتشكيلة 4-4-2 بحثاً عن الفوز بصراع خط الوسط , دخل كل فريق بأفكار معينة شاهدناها على الملعب ولكن شتان بين الفريق الذي لعب على أفكاره طيلة الـ 90 دقيقة , والفريق الذي لعب على أفكاره لمدة 7 دقائق فقط.
.
في عملية بناء الهجمة للبايرن كنا نرى سقوط تياغو الكانتارا بين قلبي الدفاع (أو غوريتزكا) مع تمركز الأظهرة على أطراف الملعب لتوسيع الملعب وخلق أكبر مساحة ممكنة في خطوط برشلونة , وفعلاً البايرن نجح في التدرج السليم بالكرة والخروج من مناطقه بأمان بواسطة هذه الفكرة.
.
بينما ركز برشلونة في هجومه في الدقائق الأولى على الكرات الطويلة للظهيرين في المساحة الواسعة التي كانت خلف أظهرة البايرن , هذه نقطة الضعف الأكبر التي كانت متواجدة في بايرن ميونخ اليوم , وفعلاً برشلونة صنع أكثر من فرصة في الدقائق الأولى بهذه الطريقة , ولكن لم يستمر عليها.
.
دخول أجنحة البايرن لعمق الملعب وإقترابهم من ليفاندوسكي (أنصاف المساحات) أجبر أظهرة برشلونة على الدخول للعمق أكثر مما شكل مساحة واسعة على الأطراف إستغلها الظهيرين كيميتش وديفيز ببراعة تامة.
.
ركز لاعبي البايرن على التمركز بين الخطوط لكسر خطوط برشلونة وإستغلال المساحات الضيقة , وبما إن تياغو الكانتارا كان يركز على قنوات التمرير الموجودة بين لاعبي برشلونة فكان دائماً ما يضرب خطوطهم , لذلك فور إستلام لاعبي البايرن الكرة يجدون أنفسهم في مواجهة دفاع برشلونة البطيء جداً.
.
لعب بايرن ميونخ بأسلوب الضغط العكسي والعالي على برشلونة خصوصاً بمرحلة بناء الهجمة لبرشلونة , لذلك برشلونة إفتقد لأهم أسلحته وهو التدرج بالكرة , فحينما تعلم إن لاعبي برشلونة فقدوا الكرة أكثر من 85 مرة في المباراة فمن الممكن أن تتخيل نجاح عملية الضغط التي طبقها لاعبي البايرن.
.
نجح برشلونة بالهروب من ضغط البايرن العالي في أول دقائث أكثر من مرة , ولكن كان الفريق بطيء جداً في عملية الإرتداد وهذا سمح للاعبي البايرن بإستعادة بناء خطوطهم وترتيب أوراقهم أكثر من مرة , ولربما لو سجل برشلونة هدف آخر في أول الدقائق لكانت النتيجة ستختلف.
.
ركز البايرن كثيراً على نقاط قوته كذلك ونقطة ضعف دفاع برشلونة , حيث كان يلعب كرات عالية ولتميز لاعبي البايرن بالهواء وطول قامتهم كانوا يفوزوا بكل كرة هوائية , وكذلك الكرات البينية العالية في ظهر المدافعين وإستغلال سرعة أجنحة الفريق وبطئ دفاع برشلونة , هذه الفكرة جعلت البايرن يسجل أكثر من هدف.
.
ركز البايرن كثيراً على الكثافة العددية في منطقة جزاء برشلونة , لذلك كان لاعب البايرن يدخل لمنطقة الجزاء ويصنع بكل أريحية , وبالنظر لأهداف البايرن الـ 8 نجد إن 4 أهداف تمت صناعتها من داخل منطقة الجزاء , وهدفين على حدود المنطقة , لذلك الكثافة العددية في منطقة جزاء برشلونة خلقت مشاكل كبيرة في دفاع الفريق.
.
حالة برشلونة الدفاعية كانت 4-4-2 , وحاول برشلونة بعد التأخر بالنتيجة بأن يضغط على خطوط البايرن الدفاعية ولكن سوء إنتشار اللاعبين خلال عملية الضغط جعلها عملية فاشلة جداً وجعلها تنعكس سلبياً على برشلونة وكانت سبب رئيسي بتشكيل مساحات واسعة بين خطوط الفريق.
.
البايرن لعب بـ خط دفاع متقدم لأنه إتبع إسلوب الضغط العالي , والضغط العالي يتطلب اللعب بخط دفاع متقدم لتقليل المساحة على الخصم قدر الإمكان وحشره في مناطقه , ولكن ثقل بواتينغ وعدم إستطاعته للجري في مساحات واسعة (30-40) متر جعلت دفاع البايرن يخترق أكثر من مرة وخصوصاً في دقائق المباراة الأولى.
.
البايرن لعب بـ خط دفاع متقدم لأنه إتبع إسلوب الضغط العالي , والضغط العالي يتطلب اللعب بخط دفاع متقدم لتقليل المساحة على الخصم قدر الإمكان وحشره في مناطقه , ولكن ثقل بواتينغ وعدم إستطاعته للجري في مساحات واسعة (30-40) متر جعلت دفاع البايرن يخترق أكثر من مرة وخصوصاً في دقائق المباراة الأولى.
.
هذه الصورة كفيلة بأن تفسر سبب خروج برشلونة بهذا الشكل المخزي , حينما تجد لاعبي خط الوسط ( دي يونغ - روبيرتو - بوسكيتس ) داخل منطقة الجزاء بالحالة الدفاعية , وأن الأظهرة ( البا - سيميدو ) يضغطون خارج المنطقة , فهنا تعلم مدى عشوائية برشلونة الكارثية , لاعبي الوسط يقومون بمهمة الأظهرة بينما الأظهرة يقومون بأدوار لاعبي الوسط , وكلاً منهم فشل بتأدية الأدوار بنجاح!!
.
تحركات مولر صنعت الفارق للبايرن , تحركه في المساحات التي كان يشكلها ليفاندوسكي بتحركاته جعلته أحد أفضل لاعبي المباراة والبعض صنفه بأنه الأفضل , شاهد أين كان في لقطة الهدف وخلال أجزاء من الثانية أين أصبح وسط مشاهدة لاعبي برشلونة وعدم محاولتهم لإيقافه.
.
في هذه الصورة تحديداً نرى إن برشلونة دخل بأفكار ولم يطبقها في الملعب , فالسبب الرئيسي من تواجد روبيرتو أساسي في تشكيلة برشلونة هو دعم سيميدو ومساندته في التغطية , ولكن سيرجي روبيرتو كان يتأخر كثيراً بالمساندة ولم يقدم أي دعم لسيميدو الذي لعب مباراة دفاعية كارثية , وهذا خلق مساحات كبيرة في دفاعات برشلونة.
.
بالشوط الثاني قام كيكي سيتين بإشراك غريزمان بدلاً من روبيرتو لتتحول خطة الفريق لـ 4-3-3 , وركز الفريق كثيراً كذلك على تحركات الأظهرة في المساحات الموجودة خلف أظهرة البايرن , شاهدنا هذه الفكرة في أول دقائق الشوط وخصوصاً في هدف سواريز , ومع إبتعاد البايرن عن اللعب بالضغط العالي ببداية الشوط الثاني نجح برشلونة في هذه الفكرة.
.
بعد تسجيل برشلونة للهدف الثاني , عاد البايرن مجدداً للضغط العالي والعكسي مما أبر البا وسيميدو على البقاء في مناطق برشلونة الدفاعياً , وهذا قلل كثيراً من خطورة برشلونة على دفاعات البايرن , وبنفس الوقت كان سبباً رئيسياً بتسجيل البايرن للعديد من الأهداف بالشوط الثاني إستكمالاً للكارنفال الذي قدموه بالشوط الأول.
.
في نهاية الحديث عن هذه المباراة , لا ننسى أن نذكر بأن البايرن بقيادة الالماني فليك قدم مباراة عظيمة جداً ومدروسة بجميع تفاصيلها , وإن أهداف البايرن الـ 8 كانت عبر أفكار واضحة وتكتيكية , فلم أرى أي هدف وليد الصدفة للبايرن بل جميع الأهداف لعبت على أفكار فليك , وتنظيم اللاعبين وإنضباطهم كأنهم جنود بالجيش , جعل منظومة الباقاري خارقة.
بينما برشلونة بقيادة كيكي سيتين لعب واحدة من أسوء مباريات الفريق عبر التاريخ , فما حدث اليوم عار ومهزلة ونتيجة لن ينساها الزمان , فحينما تستقبل شباك برشلونة 8 أهداف وبوجود ميسي , فبالتأكيد هذا الشيء لا يمكن نسيانه , مبروك لعشاق البافاري بايرن , وهاردلك لعشاق البارسا.
المحلل والكاتب / أحمد الشورى.