شيئاً ما يعود !
لا شك إن غياب الميلان عن المنافسة لفترة طويلة كهذه تحزن أي محب لكرة القدم , الميلان أحد عمالقة كرة القدم على مر التاريخ ولكن تراجع الفريق منذ فترة طويلة كان صعب جداً على جماهير النادي التي تعلقت في حب هذا النادي وشجعته في أفضل فتراته وهي تعتبر فترة نادرة لنادي كرة قدم , خصوصاً فترة العبقري ساكي.
حينما تسمع إن اخر بطولة دوري حققها الميلان كانت في عام 2011 (قبل 9 سنوات) فهنا تدرك حجم المشكلة , فالميلان ليس كأي نادي تراجع مستواه لفترة معينة , الميلان خسر شخصيته وسمعته بين الأندية والخاسر الأكبر هم عشاقه وجماهيره.
ولكن في هذا الموسم بعد إقالة جيامباولو وتعيين المدرب بيولي شهدنا تحسن ملحوظ في مستوى الفريق , خصوصاً بعد فترة التوقف بسبب جائحة كورونا والعودة , قدم الميلان أفضل فترة له منذ سنوات طويلة , حينما تسمع إن أكثر فريق تسجيلاً للأهداف بعد العودة من التوقف هو الميلان (25 هدف) وأكثر من اتلانتا الفريق الذي سجل هذا الموسم 93 هدف , فهنا تدرك إن شيئاً من الميلان بدأ يعود.
الميلان بعد فترة التوقف هزم الوصيف (لاتسيو) , ثم هزم المتصدر (يوفنتوس) بعد ريمونتادا مجنونة , ثم تعادل مع نابولي وكل هذه المباريات كانت خلال 3 جولات متتالية , هنا تدرك إن شيئاً من الميلان بدأ يعود , حينما ترى الميلان يفوز بالـ 4 والـ 5 ولا يستقبل أهداف بغزارة , هنا تدرك إن شيئاً من عراقة الميلان بدأ يعود.
ولكن خلال فترة التوقف , ظهرت أخبار إرتباط الميلان بـ رالف رانجنيك ومعها تحمست جماهير الميلان , والمفاجأة لهذه الجماهير كانت بمستوى الفريق بعد العودة من التوقف وتقديم مستوى مميز , فهنا بدأت الآراء تختلف , بعضهم يريد إستمرار بيولي بما إن الفريق يقدم مستوى مميز , والبعض الآخر يريد رالف رانغنيك لأنه صاحب مشروع رياضي دائماً , خصوصاً بعدما تعرف حجم التأثير الذي أحدثه على الكرة الالمانية.
بيولي وتطور المستوى :
بيولي عرف كثيراً بأنه مدرب "مرحلة" وليس صاحب مشروع رياضي , ولكن بالنظر للمستوى الذي يقدمه الفريق نرى إن بيولي شخصياً قد تطور كثيراً , تكتيكياً الفريق مميز جداً ومنضبط وكذلك تميزه في إدارة المباراة بشكل كبير والعودة القوية أمام اليوفي خير مثال , وكذلك علاقة بيولي بلاعبيه دائماً ما تكون مميزة , الإرتياح الذي يعيشه اللاعبين داخل النادي وبعلاقتهم مع المدرب ينعكس بشكل طبيعي على مستوى اللاعبين في الملعب , لاعبين مثل هاكان وكيسي وغيرهم بدأوا يظهروا جودة أكبر في الملعب فلا شك إن هذا يعود لتميز بيولي في توظيفهم داخل الملعب.
رانجنيك . . ومشروعه الرياضي :
أما رالف رانغنيك فهو صاحب مشروع رياضي مُحكم دائماً وتأثيره على الأندية التي مر بها كبير ولا زال مستمر إلى الآن , يعود تميزه في إدارة مشاريعه الرياضية لأنه عمل في جميع الوظائف الرياضية تقريباً , عمل كمدرب ومدير رياضي ومدير علاقات وكشاف مواهب ولا ننسى كذلك إنه كان لاعباً.
عرف رانجنيك بأنه "المنقذ" بكثير من الأحيان , على سبيل المثال تعاقد معه "شتوتغارت" الذي كان ينافس على الهبوط في الجولات الأخيرة من الدوري في عام 2000 وأنقذهم وضمن البقاء في الدوري , وفي 2001 مع نادي "هانوفر" الذي كان يدربهم في دوري الدرجة الثانية الالماني وصعد معهم لدوري الدرجة الأولى , ولا ننسى تجربته المميزة مع شالكة خلفاً لبوب هاينكس , وثم مع نادي "هوفينهايم" الذي كان يلعب في دوري الدرجة الثالثة , صعد معهم للدرجة الثانية ثم الأولى , ومر بتجارب عديدة حتى وصل إلى "لايبزيغ" كمدرب ثم كمدير رياضي , والمهتم في كرة القدم سيعرف حجم التأثير الذي قدمه رانجنيك للايبزيغ إلى اليوم.
يقول كابيلو : "الميلان بقدوم رانجنيك سيخسر عام إضافي وإن تعيين رانجنيك كمدرب يعني العودة لنقطة الصفر". ولكن ساكي كذلك تحدث عن هذا الموضوع وقال :" بيولي مدرب جيد لكنه ليس مدرب عصري يلعب الكرة الحديثة , لقد فاجأني بالتطورات الذي أحدها للميلان ".
بعد هذه التصريحات من عملاقين بحجم كابيلو وساكي يستمر تضارب الآراء بين جماهير الميلان , ولكن من هو ضالة الميلان ؟ بوجهة نظر شخصية كنت أرى إن استمرار بيولي كمدرب وتعيين رانجنيك كمدير رياضي هو الحل الأنسب , ولكن بعد دراسة عقلية رانجنيك والتعمق في مسيرته تيقنت إنه لا يعمل كمدير رياضي مع مدرب لا يملك نفس عقليته , رانجنيك يعمل مع مدرب يملك نفس الفلسفة التي يمتلكها تماماً كما حدث في لايبزيغ مع ناغليسمان , وشخصياً أرى قدوم رانجنيك للميلان مهما كانت وظيفته يعني بدأ المشروع الفعلي للميلان , رانجنيك قادر على "تشخيص المرض" الميلاني ومعالجته بمشروع رياضي مميز.
الثقة بالمشروع الرياضي لرانجنيك يرجع كفته على بيولي ولو كان يقدم مستويات طيبة , لكنه دائماً يبدأ بشكل مميز ثم ينحدر المستوى معه تدريجياً , بيولي كمدرب لا يستطيع بناء مشروع وخطة للميلان ليجني ثمارهم خلال سنوات , لذلك رانجنيك هو ضالة الميلان.
المحلل والكاتب / أحمد الشورى